كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ النَّاظِرَ عَلِمَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ لِانْعِزَالِهِ بِمُخَالَفَتِهِ صَرِيحَ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِلَّا اخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِالزَّائِدِ وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ يَبْطُلُ الزَّائِدُ فَقَطْ وَأَنَّ الرَّاهِنَ عَلِمَ بِالرَّهْنِ وَمُدَّةِ الْأَجَلِ وَالْأَصَحُّ فِيمَا قَبْلَ الْحُلُولِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَفِيمَا إذَا فَاضَلَ فِي الرِّبَوِيِّ كَمُدِّ بُرٍّ بِمُدَّيْنِ مِنْهُ أَوْ زَادَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَا يَأْتِي فِيهِ أَوْ فِي الْعَرَايَا عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ لِوُقُوعِهِ فِي الْعَقْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ التَّبْعِيضُ فِيهِ وَإِنَّمَا بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ فِي الزِّيَادَةِ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَشْرِ سِنِينَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَفِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَرْضٌ مُنَاصَفَةً فَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا قِطْعَةً مَحْفُوفَةً بِجَمِيعِهَا وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَا يَصِحُّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى صِحَّتِهِ فِي نَصِيبِهِ مِنْهَا الضَّرَرُ الْعَظِيمُ لِلشَّرِيكِ بِمُرُورِ الْمُشْتَرِي فِي حِصَّتِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَبِيعِ. اهـ. وَمَرَّ آخِرَ الشَّرْطِ الثَّانِي لِلْبَيْعِ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَنُوزِعَ فِي اسْتِثْنَاءِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ بِأَنَّ صُورَةَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى شَيْئَيْنِ مَوْجُودَيْنِ: أَحَدُهُمَا حَلَالٌ وَالْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى شَيْءٌ وَاحِدٌ وَمَا فِي الثَّالِثَةِ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ قَوْلِهِ الصُّورَةُ ذَلِكَ بَلْ الضَّابِطُ الْجَمْعُ بَيْنَ مُمْتَنِعٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ اعْتِبَارًا فَشَمِلَ ذَلِكَ هَاتَيْنِ وَغَيْرَهُمَا وَمِنْ ثَمَّ أَجْرَوْا التَّفْرِيقَ فِي غَيْرِ نَحْوِ الْبَيْعِ مِمَّا مَرَّ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ بَيْعُهُ بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ جَزْمًا.
وَيَصِحُّ عَوْدُهُ لِعَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ لِيُفِيدَ الصِّحَّةَ فِيهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ لَكِنْ مَحَلُّهُ إنْ فَصَّلَ الثَّمَنَ وَحِينَئِذٍ قَدْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْمَفْهُومِ فَإِنْ قُلْتَ يَشْكُلُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ بَلْ وَعَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْحِلِّ بِالْحِصَّةِ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتَيْهِمَا، قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَا عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ عِنْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ تَخْمِينٌ وَهَذَا بِعَيْنِهِ جَارٍ فِيمَا هُنَا إذْ نَحْوُ عَبْدِهِ الَّذِي صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ مَا يُقَابِلُهُ مَجْهُولٌ عِنْدَ الْعَقْدِ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَهْلَ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ عَيْنَيْنِ بِيعَتَا صَفْقَةً وَاحِدَةً إنَّمَا يُؤَثِّرُ وَيُنْظَرُ إلَيْهِ فِي الْعَقْدِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ لِمَا يَأْتِي كَمَا فِي تِلْكَ لِأَنَّ إبْطَالَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ فَتَعَيَّنَ بُطْلَانُهُمَا لِتَعَذُّرِ صِحَّتِهِمَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهَا مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا ابْتِدَاءً وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ دَوَامَ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا لَا إلَى غَايَةٍ وَأَمَّا مَسْأَلَتُنَا فَلَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ وَالْمُرَجِّحُ لِإِبْطَالِ مَا عَدَا الْحِلَّ مَوْجُودٌ فِيهَا فَلَمْ يُنْظَرْ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّهُ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا فِي بَيْعِ سَيْفٍ وَشِقْصٍ مَشْفُوعٍ بِأَلْفٍ كَمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ عَلَى أَنَّا لَوْ نَظَرْنَا لِهَذَا الْجَهْلِ لَمْ يَتَأَتَّ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ النَّظَرُ لِلْحِصَّةِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَهُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَيُؤَدِّي لِلتَّنَازُعِ.
فَإِنْ قُلْتَ يَشْكُلُ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلُ الْمَارُّ فِي بِعْتُك هَذَا الْقَطِيعَ أَوْ الثِّيَابَ كُلَّ اثْنَيْنِ بِدِرْهَمٍ مِنْ أَنَّ تَوْزِيعَ الدِّرْهَمِ عَلَى قِيمَتِهِمَا يُؤَدِّي لِلْجَهْلِ فَنَظَرُوا إلَيْهِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَالِكِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَبِيعَ هُنَا لَمْ يَتَعَيَّنْ أَصْلًا لِأَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ فُرِضَ مُقَابَلَتُهُمَا بِدِرْهَمٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا مِنْ الْخِيَارِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مُخْتَلِفَانِ فَتَعَذَّرَ التَّوْزِيعُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ شِقْصٍ وَسَيْفٍ لِسُهُولَةِ التَّوْزِيعِ فِيهِمَا مَعَ الْأَمْنِ مِنْ نِزَاعٍ لَا غَايَةَ لَهُ وَإِذَا صَحَّ فِي مِلْكِهِ فَقَطْ (فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) فَوْرًا (إنْ جَهِلَ) ذَلِكَ لِضَرَرِهِ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ مَعَ عُذْرِهِ بِالْجَهْلِ فَهُوَ كَعَيْبٍ ظَهَرَ (فَإِنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ أَوْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَرَامِ عِنْدَهُ (ف) لِثَمَنٍ (بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ) الْأَجْزَاءِ فِي مِثْلِيَّيْنِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي أَحَدِهِمَا وَفِي الْمُشْتَرَكِ السَّابِقِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِي هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ إلَى النَّظَرِ لِلْقِيمَةِ وَلِوُضُوحِ الرَّادِّ لَمْ يُبَالِ بِإِبْهَامِ كَلَامِهِ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ هُنَا أَيْضًا وَعَلَى الرَّأْسَيْنِ الْمُتَقَوِّمَيْنِ فَأَكْثَرَ بِاعْتِبَارِ (قِيمَتِهِمَا) إنْ كَانَ لَهُمَا قِيمَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدِهِمَا كَالْخَمْرِ وَالْحُرِّ وَالْخِنْزِيرِ بَعْدَ التَّقْدِيرِ الْآتِي وَذَلِكَ لِإِيقَاعِهِمَا الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَتِهِمَا مَعًا فَلَمْ يَجِبْ فِي أَحَدِهِمَا إلَّا قِسْطُهُ فَلَوْ سَاوَى الْمَمْلُوكُ مِائَةً وَغَيْرُهُ مِائَتَيْنِ فَالْحِصَّةُ ثُلُثُ الثَّمَنِ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا وَإِلَّا كَلَمَمٍ صَحَّ فِي الْآخَرِ بِكُلِّ الثَّمَنِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ قِنًّا وَالْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً وَالْخَمْرُ خَلًّا لَا عَصِيرًا لِعَدَمِ إمْكَانِ عَوْدِهِ إلَيْهِ وَالْخِنْزِيرُ عَنْزًا بِقَدْرِهِ كِبَرًا وَصِغَرًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ تَقْدِيرَ كَبِيرِهِ بِبَقَرَةٍ وَفِي ذَلِكَ اضْطِرَابٌ بَيَّنْتُهُ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ تَمَحَّلَ لِمَنْعِ التَّنَاقُضِ وَأَجْرَى مَا فِي كُلِّ بَابٍ عَلَى مَا فِيهِ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ هُنَا لِلتَّقْوِيمِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ أَيْ وَمِنْ شَأْنِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مُسْلِمِينَ يَجْهَلُونَ قِيمَةَ الْخَمْرِ عِنْدَ أَهْلِهَا مِنْ الْكُفَّارِ وَرُجِعَ إلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ لِصِحَّتِهَا بِالنَّجِسِ فَلَمْ يُحْتَجْ إلَيْهَا إلَّا لِبَيَانِ الْقِسْمَةِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَهِيَ تَابِعَةٌ وَفِي الصَّدَاقِ لِعِلْمِهِمَا بِهَا إذْ هُمَا كَافِرَانِ (وَفِي قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى مَا يَحِلُّ بَيْعُهُ (وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) وَإِنْ جَهِلَ لِتَقْصِيرِهِ بِبَيْعِهِ لِمَا لَا يَمْلِكُ وَعُذْرُهُ بِالْجَهْلِ نَادِرٌ.
الشَّرْحُ:
(فصل):
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَوْ مُشْتَرَكًا إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا جَهِلَ قَدْرَ حِصَّتِهِ حَالَ الْبَيْعِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي عَنْ الرُّويَانِيِّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ) عِبَارَتُهُ أَمَّا إذَا قَدَّمَ غَيْرَ الْحِلِّ كَبِعْتُكَ الْحُرَّ وَالْقِنَّ فَيَبْطُلُ فِيهِمَا عَلَى الْأَوْجَهِ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ كَمَا فِي نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي فَإِنْ قُلْت وَقَعَ فِي تَمْثِيلِ غَيْرِ وَاحِدٍ لِلصِّحَّةِ فِي الْقِنِّ تَقْدِيمُ الْحُرِّ قُلْتُ هَذَا لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ لَا غَيْرُ فَإِنْ قُلْتَ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ فِي بِعْتُك هَذَا ثُمَّ هَذَا بِأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا لِوُقُوعِ الْقَبُولِ فِيهِمَا مَعًا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْقَبُولِ وَأَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ كَالطَّلَاقِ إذْ لَا قَبُولَ فِيهِ قُلْت الْقَبُولُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حَيْثُ صَحَّ الْإِيجَابُ وَالْإِيجَابُ هُنَا بَاطِلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِعْتُكَ الْحُرَّ وَقَعَ بَاطِلًا شَرْعًا فَصَارَ قَوْلُهُ وَالْعَبْدَ بَاطِلًا أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَامِلٌ حِينَئِذٍ فَوَقَعَ الْقَبُولُ بَاطِلًا أَيْضًا وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْقِيَاسُ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا تَقَدَّمَ فِيهِ لَفْظٌ بَاطِلٌ شَرْعًا فَصَارَ مَا بَعْدَهُ بَاطِلًا أَيْضًا لِعَدَمِ عَامِلٍ يُقَوِّمُهُ وَيَجْعَلُهُ مُفِيدًا شَرْعًا فَتَأَمَّلْهُ. اهـ.
وَأَقُولُ لَك مُنِعَ قَوْلُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِعْتُك الْحُرَّ وَقَعَ بَاطِلًا فَصَارَ إلَخْ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ إنْ بِعْتُك وَقَعَ بَاطِلًا مُطْلَقًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَمُسَلَّمٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ أَيْضًا وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مُتَعَدِّدٌ بِعَدَدِ مَعْمُولَاتِهِ فَبُطْلَانُهُ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْمَعْمُولَاتِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ مِنْهَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَكَ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو قَدْ يَكُونُ كَاذِبًا بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ صَادِقًا بِالنَّظَرِ لِلثَّانِي فَعُلِمَ أَنَّ الْعَامِلَ مُتَعَدِّدٌ بِعَدَدِ مَعْمُولَاتِهِ وَيَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاعْتِبَارِهَا وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَامِلٌ إلَخْ وَأَمَّا عَدَمُ الْوُقُوعِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورَةِ فَيَجُوزُ أَنَّ سَبَبَهُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَجُمْلَةُ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَهِيَ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي لَمْ تَتِمَّ لِعَدَمِ ذِكْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِيهَا وَتَقْدِيرُهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ يَعْتَمِدُ مَعَ قَوْلِهِمْ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ عَامِلٌ فَصَحَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْقِيَاسَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ نَظِيرَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي إنَّمَا هُوَ قَوْلُك هَذَا الْخَمْرُ مَبِيعٌ مِنْك وَعَبْدِي هَذَا نَقُولُ فِيهِ بِالْبُطْلَانِ وَأَمَّا بِعْتُكَ الْحُرَّ وَالْقِنَّ فَلَيْسَ نَظِيرَهُ وَإِنَّمَا هُوَ نَظِيرُ طَلَّقْتُ نِسَاءَ الْعَالَمِينَ وَزَوْجَتِي نَقُولُ فِيهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَثَمَّ إذْ هُنَا عَامِلٌ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَاكَ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا الْعِلْمُ بِهِمَا) يَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْمُرَادَ الْعِلْمُ حَالَ الْبَيْعِ وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ حَالَ الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ بَذْرِهَا إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي بَابِ الْأُصُولِ وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ وَقَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ فِي قَوْلِهِ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ مَا نَصُّهُ أَيْ لَا يَجُوزُ وُرُودُهُ عَلَيْهِ كَبَذْرٍ لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ ثُمَّ عَلَّلَ الْبُطْلَانَ بِالْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ. اهـ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُنَاكَ وَالْبَذْرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهُ هُوَ مَا لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ فَإِنْ رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ فَلَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ. اهـ. وَهَذَا الْكَلَامُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ أَمْكَنَ التَّوْزِيعُ وَفِي الْأَنْوَارِ هُنَا وَلَوْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ. اهـ.
وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ إمْكَانِ التَّوْزِيعِ حَالَ الْبَيْعِ لَكِنَّهُ فِي الْعُبَابِ جَعَلَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ بَيْعَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَمَرْئِيٍّ وَغَيْرِهِ. اهـ. وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ الْخَامِسِ الْعِلْمُ عَنْ الرُّويَانِيِّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَاكَ مَا نَصُّهُ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ فِيمَنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ مُشْتَرَكٍ وَهُوَ يَجْهَلُ قَدْرَهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَكِنْ قَطَعَ الْقَفَّالُ بِالصِّحَّةِ وَجَرَى عَلَيْهَا فِي الْبَحْرِ فَقَالَ أَيْ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَاعَ جَمِيعَ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ حَقِّهِ ثُمَّ عَرَفَهُ صَحَّ لِأَنَّ مَا تَنَاوَلَهُ الْبَيْعُ لَفْظًا مَعْلُومًا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ لَوْ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ بَعْضِ عَبْدٍ بَاعَهُ صَحَّ فِي الْبَاقِي وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ قَدْرَ نَصِيبِهِ فِيهِ أَمْ لَا. اهـ. وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَمَعْرِفَةُ الْبَائِعِ قَدْرَ حِصَّتِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ لَا يُفِيدُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْجَهْلَ عِنْدَ الْبَيْعِ مُؤَثِّرٌ وَإِنْ عَرَفَ بَعْدُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّهُ حَالَ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ جَاهِلًا بِقَدْرِ حَقِّهِ فِي ظَنِّهِ وَهُوَ كَافٍ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَغَوِيّ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الرُّويَانِيِّ لِأَنَّ صُورَةَ الْأُولَى بَيْعُ قَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ فَالْجَهْلُ بِهَا يُصَيِّرُ الْبَيْعَ مَجْهُولًا وَصُورَةُ الثَّانِيَةِ بَيْعُ الْجَمِيعِ فَالْمَبِيعُ مَعْلُومٌ لَفْظًا وَالثَّمَنُ كَذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ حَالَ الْعَقْدِ كَمَا فِي سَائِرِ صُوَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَإِنَّ مَا يَخُصُّ مَا صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ غَيْرُ مَعْلُومٍ حَالَ الْبَيْعِ وَهَذَا الْكَلَامُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ فِيمَا إذَا بَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَتَقْرِيرُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا مَرَّ عَنْ الْأَنْوَارِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعِلْمُ بِالْمَجْهُولِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الْبَيْعُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فَالشَّرْطُ فِيهِ إمْكَانُ عِلْمِهِ وَلَوْ بَعْدُ فَلْيَتَأَمَّلْهُ.
وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ فِيهِمَا أَيْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا مُطْلَقًا أَيْ حَالَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ بَذْرِهَا يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ بِمَا إذَا لَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَتُهُ الْبَذْرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِيُوَافِقَ مَا تَقَرَّرَ فَإِنْ ثَبَتَ نُقِلَ هُنَاكَ بِالْبُطْلَانِ فِيهِمَا وَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْبَذْرِ بَعْدُ كَانَ رَادًّا لِهَذَا الَّذِي تَقَرَّرَ وَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الرُّويَانِيِّ بِأَنَّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ مَعْلُومَةٌ بِالْمُشَاهَدَةِ فِي ضِمْنِ مَعْلُومِيَّةِ الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا الْمَجْهُولُ مُجَرَّدُ قَدْرِهَا فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: كَالشَّهَادَةِ) أَيْ لَا فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ قَابِلًا لِلْعَقْدِ لَكِنْ امْتَنَعَ لِأَجْلِ- الْجَمْعِ كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ فَلَا يَجْرِي فِيهَا اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ م ر.
(قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ فِي الْعَقْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فَقَدْ تُوجَدُ هَذِهِ الْعِلَّةُ فِي صُورَةِ التَّفْرِيقِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا إلَخْ) هَذَا التَّوْجِيهُ جَارٍ فِي الثَّانِيَةِ فَلِمَ تَرَكَهَا.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ بَيْعُهُ بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ جَزْمًا) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا عَرَفَ قَدْرَ حِصَّتِهِ أَمَّا إذَا جَهِلَهَا فَهَلْ تَبْطُلُ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُفَصِّلْ الثَّمَنَ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرَكَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ حَيْثُ قُلْنَا يَصِحُّ وَلَوْ جَهِلَ قَدْرَ حِصَّتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ لِأَنَّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ يُغْتَفَرُ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فَإِنَّهُ إذَا بَاعَ عَبْدًا وَحُرًّا كَانَ جَاهِلًا بِمَا يَخُصُّ الْعَبْدَ حَالَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ مَا يَخُصُّهُ إلَّا بَعْدَ تَقْدِيرِ الْحُرِّ عَبْدًا وَتَقْوِيمِهِ كَمَا قَرَّرُوهُ أَوْ يَصِحُّ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ وَكُلٌّ مِنْ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ فِيهِ مَعْلُومٌ فَلْيُرَاجَعْ.